سألني :- النبي محمد هو اخر الانبياء ورسالته عامه لكل البشر ومع ذلك لم يأتي بمعجزات كبرى مثل سيدنا موسى وعيسى ..لماذا؟
أجبت : لأن الله يعلم انه بعد أقل من اربعة عشر قرنا سوف نرى الرجل الذي يضم يده الى جناحه فيخرج يمامة بيضاء أو يخترق الحوائط ويخرج من القبور أو يشق امرأة نصفين ثم يعيدها للحياة امام أعيننا .. لقد مضى عصر السحر والمعجزات الطبية
إن العصر الذي يقسم فيه الانسان الذرة ويصعد فيه الى سطح القمر ويراقب بعينيه حركة الكواكب عبر الشاشات وهو جالس في حجرة مغلقة ويقوم فيه بنقل وزراعة الاعضاء البشرية والتلقيح الصناعي
يحتاج الى برهان أقوى للإيمان
برهان ذاتي لا يعتمد على عمل خارجي
برهان منبعة العقل الذي لا يتغير ولا يتبدل وانما يتطور بتطور معطياته
لذا وجب أن يكون للإيمان معطيات واقعية تعطي نتيجة واحدة دائما وهي أن هذا الرجل الذي هو نبي مرسل هو نبي يحمل عقيدة مبرهنة في ذاتها وهو بنفسه لم يكن رجلا خارقا للعادة وانما شخص عادي أستطاع أن يستخدم ملكات عقله ليقدم الوحي الالهي في صورة نموذج بشري قابل للتطبيق في كل مكان وزمان
إن التجربة المحمدية ليست تجربة عربية خاصة
ولكنها تجربة عالمية وهى نموذج عام فهو الرجل الذي عاش يبحث عن العلم ويحرض عليه وعاش مكافحا في سبيل ما يعتقده مؤمنا به أشد الايمان ومواجها به أعتى القوى المحلية والدولية
لم يعتمد النبي محمد على المعجزات للبرهنة على صدق العقيدة التي ارسله الله بها بل أن ما عرفناه من معجزات ظهرت على يديه معظمها ظهر امام المؤمنين به اصلا والذين لم يكونوا في حاجة الى معجزات كي يؤمنوا
بل أن حادثة انشقاق القمر وعلى خلاف فيها لم يردنا انها كانت سبب في اسلام أحد من غير المؤمنين
وليس معنى هذا أن محمد لم يحظى بتأييد إلهي في دعوته
نعم لقد كان هناك تأييد إلهي لمحمد
ولكنه تأييد نابع من إلتزامه بالمنهج الرباني ..فالتأييد الإلهي ليس قاصرا على محمد لانه ليس مقصود به محمد على وجه خاص ليكون هو معجزته
بل التأييد الالهي هو حليف كل من يحمل هذا الوحي مؤمنا به ليصير التأييد الالهي للمؤمنين هو معجزة كل من يصدق بالوحي ويؤمن به
فالمعجزة باقية
المعجزة في الوحي
المعجزة في الايمان ذاته
لذا ظل الاسلام وسيظل باقيا ومنتصرا لانه يحمل برهانه بين يديه على مر الازمان لا يهزمه تغير العصور ولا تقدم العلوم
بل العلم هو سبيله الذي جاء ليحض عليه فالعالم كله يشهد أن العلوم بانواعها ما تقدمت في العصور الوسطى إلا حين كان للاسلام دولة وكان العلماء والفقهاء من المسلمين هم من حملة هذه العلوم
سؤال :- وكيف يكون النموذج النبوي صالح لكل هذه العصور؟
أجيب : إن الخطأ في الاتباع ليس عيبا في النموذج المتبع
فليس مطلوبا منا أن نرتدي جلبابه ونضع عمامته
ولا أن نستخدم الخيل والبغال والحمير كوسائل مواصلات
ولا أن نجعل الحلال هو ما كان يفعله والحرام هو ما لم يفعله طالما أن ما لم يفعله لم يعرض عليه ولم يكن موجودا في زمنه
إن محمدا بوجوده نبي لزمنه ..وبمنهاجه نبي لكل الازمان
فعلينا أن نفرق بين ما كان خاص لزمنه ووقته ..وبين امور لم يعرفها فيقبلها أو يرفضها
وانما نترك هذا للمنهج الذي هو الكتاب والسنة نتخذ منهما الخطوط العريضة فيما لم يشرع فيه نص وهذا شأن الفقهاء والحديث عنه امر يطول