Tuesday, January 27, 2009

سلسلة ...2- محمد ..نبي في عصر الذرة

سألني :- النبي محمد هو اخر الانبياء ورسالته عامه لكل البشر ومع ذلك لم يأتي بمعجزات كبرى مثل سيدنا موسى وعيسى ..لماذا؟
أجبت : لأن الله يعلم انه بعد أقل من اربعة عشر قرنا سوف نرى الرجل الذي يضم يده الى جناحه فيخرج يمامة بيضاء أو يخترق الحوائط ويخرج من القبور أو يشق امرأة نصفين ثم يعيدها للحياة امام أعيننا .. لقد مضى عصر السحر والمعجزات الطبية
إن العصر الذي يقسم فيه الانسان الذرة ويصعد فيه الى سطح القمر ويراقب بعينيه حركة الكواكب عبر الشاشات وهو جالس في حجرة مغلقة ويقوم فيه بنقل وزراعة الاعضاء البشرية والتلقيح الصناعي
يحتاج الى برهان أقوى للإيمان
برهان ذاتي لا يعتمد على عمل خارجي
برهان منبعة العقل الذي لا يتغير ولا يتبدل وانما يتطور بتطور معطياته
لذا وجب أن يكون للإيمان معطيات واقعية تعطي نتيجة واحدة دائما وهي أن هذا الرجل الذي هو نبي مرسل هو نبي يحمل عقيدة مبرهنة في ذاتها وهو بنفسه لم يكن رجلا خارقا للعادة وانما شخص عادي أستطاع أن يستخدم ملكات عقله ليقدم الوحي الالهي في صورة نموذج بشري قابل للتطبيق في كل مكان وزمان
إن التجربة المحمدية ليست تجربة عربية خاصة
ولكنها تجربة عالمية وهى نموذج عام فهو الرجل الذي عاش يبحث عن العلم ويحرض عليه وعاش مكافحا في سبيل ما يعتقده مؤمنا به أشد الايمان ومواجها به أعتى القوى المحلية والدولية
لم يعتمد النبي محمد على المعجزات للبرهنة على صدق العقيدة التي ارسله الله بها بل أن ما عرفناه من معجزات ظهرت على يديه معظمها ظهر امام المؤمنين به اصلا والذين لم يكونوا في حاجة الى معجزات كي يؤمنوا
بل أن حادثة انشقاق القمر وعلى خلاف فيها لم يردنا انها كانت سبب في اسلام أحد من غير المؤمنين
وليس معنى هذا أن محمد لم يحظى بتأييد إلهي في دعوته
نعم لقد كان هناك تأييد إلهي لمحمد
ولكنه تأييد نابع من إلتزامه بالمنهج الرباني ..فالتأييد الإلهي ليس قاصرا على محمد لانه ليس مقصود به محمد على وجه خاص ليكون هو معجزته
بل التأييد الالهي هو حليف كل من يحمل هذا الوحي مؤمنا به ليصير التأييد الالهي للمؤمنين هو معجزة كل من يصدق بالوحي ويؤمن به
فالمعجزة باقية
المعجزة في الوحي
المعجزة في الايمان ذاته
لذا ظل الاسلام وسيظل باقيا ومنتصرا لانه يحمل برهانه بين يديه على مر الازمان لا يهزمه تغير العصور ولا تقدم العلوم
بل العلم هو سبيله الذي جاء ليحض عليه فالعالم كله يشهد أن العلوم بانواعها ما تقدمت في العصور الوسطى إلا حين كان للاسلام دولة وكان العلماء والفقهاء من المسلمين هم من حملة هذه العلوم
سؤال :- وكيف يكون النموذج النبوي صالح لكل هذه العصور؟
أجيب : إن الخطأ في الاتباع ليس عيبا في النموذج المتبع
فليس مطلوبا منا أن نرتدي جلبابه ونضع عمامته
ولا أن نستخدم الخيل والبغال والحمير كوسائل مواصلات
ولا أن نجعل الحلال هو ما كان يفعله والحرام هو ما لم يفعله طالما أن ما لم يفعله لم يعرض عليه ولم يكن موجودا في زمنه
إن محمدا بوجوده نبي لزمنه ..وبمنهاجه نبي لكل الازمان
فعلينا أن نفرق بين ما كان خاص لزمنه ووقته ..وبين امور لم يعرفها فيقبلها أو يرفضها
وانما نترك هذا للمنهج الذي هو الكتاب والسنة نتخذ منهما الخطوط العريضة فيما لم يشرع فيه نص وهذا شأن الفقهاء والحديث عنه امر يطول

Sunday, January 18, 2009

سلسلة أسئلة حائرة :1- لماذا خلقنا الله ؟

تقديم
كلما ألتقيت صديقي محمود يبادرني باسئلته الكثيرة الحائرة حيث يعمل معه زميل علماني كثير الجدل مما يشوش عليه فكره
وهذه الاسئلة يقابلني بها في حوار يمتد بنا ساعات وقد خطر لي - لماذا لا اسجل هذه الاسئلة واجاباتها ؟
فرأيت أن أفعل حتى ينتفع بها من كان مثله وقد حرصت فيها أن تكون بلغة بسيطة وسلسه قدر الامكان
..................................
سألني :لماذا خلق الله الكون والجنة والنار؟
أجبت : نتفق كلانا أن الله كامل
ومن صفات الكمال الالهي أن يكون الاله خالق
وحتى يكون خالقا يلزم من ذلك وجود خلق
فوجود المخلوقات وجود ضرورة من باب لزوم ما يلزم
وصفة الخلق يجب ان توجد بكمالها ومن كمال صفة الخلق هو تنويع المخلوقات
فخلق الله خلقا لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون فهم مقهورين
وخلق الله خلقا غير مقهورين بل مخيرين
وقد تنوعت اشكال الخلق من جماد وحيوان ونبات وانسان
وكما خلق الله من الماء خلق من النار
وكما خلق من النور خلق من التراب
فالله الخالق لا يعجزه في عملية الخلق شئ
بل أن الله ليس مجبرا على الشكل الذي خلقه أن يظل هكذا دون تغير
فنجد أن الله جعل من الجماد حيوان كما في عصى موسى وناقة صالح
وجعل من الانسان قردة وخنازير كما في طائفة من بني اسرائيل
وخلق الله الانسان بخمس اصابع كما خلق انسان بست وبأربع
يزيد في الخلق ما يشاء
ولا يعجزه شئ
ولا يقهره شكل خلقه على أن يظل هكذا لا أرادة لله فيه بعدما صار خلقا معينا
بل يغير وينوع فيه
ومن تمام صفة الكمال في الخلق أن رأينا الله وعلى سبيل المثال في خلق الانسان خلق من لا شئ
وخلق من ذكر فقط - حواء من ادم
وخلق من أنثى فقط - عيسى من مريم
وخلق من ذكر وأنثى - مجموع الناس
فكل هذا التنوع هو من لزوم صفة الكمال في الخلق
ولم ينتهى الامر عند ما نرى بل كما قال تعالى :يزيد في الخلق ما يشاء
سألني : ألا يدل تنوع المخلوقات على تنوع الخالقين ووجود أكثر من إله ؟
أجبت :أذن نحن امام أفتراضين اله واحد له قدرة مطلقة على الخلق وبين ألهة مجتمعة ليس لأفرادها القدرة المطلقة على الخلق
بالطبع فإن العقل يختار أن يؤمن بإله واحد قادر مطلق القدرة في الخلق على أن يختار الايمان بألهة عاجزه منفردة لا تقوى على الخلق إلا مجتمعة
كما أن تنوع الخلق لهو دليل على كمال الصفة وإلا كان عجزا
سألني : ولماذا خلق الله الجنة والنار وهو الذي أعطانا الاختيار ؟
أجبت : خلق الله الانسان وخيره في أن يطيع وألا يطيع
وجعل للمطيع ثوابا ولغير المطيع عقابا
ولكن العقاب ليس على مجرد الاختيار وانما العقاب على من اختار الاختيار الخاطئ وأصر عليه بعد تبيهه وارشاده وانذاره بعاقبة اختاره
مثال : يخير الاب ولديه بين قطعة حلوى وسيجارة
لا شك أن الاب هنا يريد من ولديه اختيار قطعة الحلوى
ولكن حتى يكون للاب حق العقاب على من يختار السيجارة وجب عليه أولا ان يكون حذره بأنه أن فعل فأنه سينزل به عقابا شديدا
فيكون استحقاق من استحق العقاب ليس على مجرد الاختيار وانما على العصيان والاستخفاف بالوعيد وانكار حصول العقاب ان فعل ما تم تحذيره بشأنه وهذا هو العدل والله عدل
وقبل أن تسألني لماذا لم يخلقنا الله كلنا مؤمنين فهذا كما سبق وذكرت من تمام صفة الخلق
فلو كان الله أكتفى بالملائكة فقط لكان السؤال الجدلي وهو هل يستطيع الله أن يخلق خلقا غير مقهورين وغير مجبورين ؟
الجواب نعم وهو نحن البشر
ومن العدل أن لا يساوى الله بين من يطيعه ويؤمن به وبين من يعصيه وينكره ويكفر به
فإذا كان قد اثاب المطيع جنة فقد استحق غير المطيع النار ولكن من العدل أن يسبق ذلك أنذار وتحذير حتى لا يكون العقاب على مجرد الاختيار ومن اجل هذا بعث الله الرسل مبشرين ومنذرين