السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احترت كثيرا من اين أبدأ هذا الموضوع ..فليس من السهل الحديث عن شئ تحبه وتعشقه
لعلى ابدأ من هناك ..مع اول لقاء لى بعلم الشريعة الاسلامية واحكامها , ومع مادة مدخل الى الشريعه الاسلاميه حيث كان اول درس وهو مقدمة الكتاب وكان اهم ما جاء فيه هو ان الاسلام يقوم على دعامتين اساسيتين (والدعامه هى الاساس الذى يقوم عليه الشئ) هما: أ – تحقيق مصالح الناس , ب – التيسير ورفع الحرج وحولهما تدور مقاصد الشريعه العامة والخاصة
وفى ضوء هذين الدعامتين او المبدأين الاساسييين يجب ان يكون فهمنا للنص الاسلامى ( الاحكام الشرعية) بحيث لا تخرج عن اطارهما فبهما يتحقق التوافق والتصالح بين النص او الحكم وبين الواقع الحاصل , والواقف على علوم القرآن والسنة النبوية سيتبين له مدى تلائم النص مع الواقع بمتغيراته الحاصله , وهذه نبذه بسيطه فدعونا نبدأ معا
الباب الاول : القرآن والواقع
فصل : القرآن وملائمة الواقع ومتغيراته
نزل القرآن الكريم منجما- اى مفرقا- وليس جملة واحده وذلك حيث كانت الايات تنزل وفقا للاحداث الحاصله داخل المجتمع وحتى يتسنى له تحقيق اهدافه المتمثله فى بناء المجتمع وتنظيمه وتربيته وترويضه على تلقى الاحكام والالتزام بها لذلك رأينا التدرج فى الاحكام ورأينا النسخ والرخص
وفى معنى البناء كانت عناية النص المكى بامور التوحيد والدعوه ثم مع انتقالهم الى يثرب حيث المجتمع المدنى واستقرارهم وامنهم وبعدهم عن الاوثان وثباتهم على الايمان جاء النص المدنى بالاحكام وفرضت العبادات ووضعت قواعد عامة للمعاملات
وفى معنى الترويض اتسمت هذه الاحكام فى بدايتها بالليونه تارة حيث كان اللين هو الانسب لتوافقه مع ما اعتادوه وهذا هو التدرج فى الاحكام مثال : كان العرب ليس من عادتهم توريث النساء او الاطفال وربما يوصى الرجل بماله لشخص من غير قرابته الاولى فجاء القرآن وقيد حرية التصرف فى الاموال فقال : ( ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف ). سوره البقره ايه 180
ثم بعد ذلك نقلهم الى الحكم التالى : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه او كثر نصيبا مفروضا , واذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فأرزقوهم منه ) سوره النساء ايه 7, 8 ,, ثم نسخ ذلك باية المواريث ( يوصيكم الله فى اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين .....) الايه 11 , 12 من سورة النساء
وهناك ايضا التدرج فى تشريع الخمر ( لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) النساء 43 ثم ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما ) البقرة 219 ثم نسخ ذلك بالتحريم ( انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) المائده 90
كما اتسمت الاحكام احيانا بالشده فى بدايتها ثم خففت مثال كانت عدة المتوفى عنها زوجها عام ثم خففت ونسخت الى اربعة اشهر وعشر
وفى معنى التربيه جاء قول الله تعالى : ( يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالالقاب ...... ) الحجرات 11, 12
فصل : القرآن والواقع الاستثنائى
قد توجد ظروف استثنائيه , يضطر فيها المكلف الى العدول عن النص (الحكم) الاصلى الى حكم استثنائى
هذا الحكم الاستثنائى قد يكون منصوصا عليه مثال الرخص المنصوص عليها : قصر الصلاة عند السفر واباحة الفطر للمريض والمسافر ( ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر ) البقره 185
وقد يكون غير منصوص عليه ولكن الضروره اقتضت ترك الحكم الاصلى حتى زوال الضروره وهذا يندرج تحت القاعده العامه التى ارساها القرآن ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه) البقره 173
فصل: القرآن وتقدير الظروف المحققة للمصلحة العامه
يقول تعالى ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام واخراج اهله منه اكبر عند الله والفتنة اكبر من القتل ) البقره 217
وسبب نزول الايه هو حين قامت سرية عبد الله بن جحش بمطاردة وقتال بعض الكفار فقتل منهم واحد وأسر اثنين فى اخر يوم من شهر رجب احد الاشهر الحرم
ويقول تعالى ايضا ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم والفتنة اشد من القتل ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فأقتلوهم كذلك جزاء الكافرين ) البقرة 191
فهنا نرى القرآن يراعى الظروف السياسية الواقعه ويتلائم معها ومتطلباتها
فصل: القرآن وتقدير الظروف المحققة للمصلحة الخاصة
يقول تعالى ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله انكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالان باشروهن وأبتغوا ما كتب الله وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون ) البقره 187
وهنا نلاحظ تقدير القرآن لادق الحاجات الحسية الغريزيه وتفهمه لمتطلباتها , فالصوم بوجه خاص والعبادة بوجه عام ليست عقوبات قاطعه وانا هى وسائل تتغيا تحقيق مصلحة الانسان لذلك شرعت فيها الرخص
نسأل الله ان يلهمنا كتابة الباب الثانى حول السنة ومتغيرات الواقع فى وقت غير بعيد ان شاء الله